ضع اعلان هنا

اخر الأخبار

إنه ضياعٌ آثِمٌ على كل حال


مثل حبة أرُزٍ بيضاءٍ تطفو فوق ماءٍ صافٍ، مثل طفل الجيران الجميل، وضحكةِ أُمي التي أتمناها خالدة.
 من بين كل ذلك خرج هذا النّص بعد فترةٍ حُبلى بالصراعات، عساهُ أن يحظى بولادةٍ طبيعيةٍ غير مؤلمة.
أصدقائي...
لست كاتبًا فذًا، ولا صاحِب بلاغةٍ أو نحو.
 أنا في الحقيقةِ فقيرُ لغةٍ وقليلُ معرفة، أتحاشا الكسر والتعليل، أُكثِرُ من الشَّدِ و الضّم، وأكرهُ الإعراب إلا في مواضِعٍ بسيطة، مثل بساطة أعينكم التي تقرأ، تماماً هذا أنا.
لقد نصحني أحد الأصدقاء قائلاً: 
دع عنك كل شيء، وامنح نفسك وقتًا لتمتلئ حياتك بالرغبة، فالحزن والبكاء ليسا خطأً ولا شيء تخجل منه البتة، فمن المحتمل أنك قمت بتعبئة حياتك بالأشياء المحببة إليك؛ قد فعلت ذلك لفترة طويلة جدًا.
 لكن دعني أخبرك أنهُ حان الوقت لتتركها، لا بأس صدقني...
 فقط امنح نفسك المساحة والوقت حتى لا ترغب في هذه الأشياء مجدداً، اتركها تُفقد منك، وابدأ بصنع حياتك الجديدة، شغفك الآخر، نجاحك، فرحك، كّوِن أصدقاء جُدد، غيّر كل شيء، وستحصل على شعورٍ لم تحسه في حياتك من قبل.
فانظر إلى طريقة سير حياتك الآن واكتشف ما تريد، ثم أغلق الفجوة بين هذه الحياة التي تعيشها الآن وتلك الحياة التي تريدها، وشيئًا فشيئًا؛ وخطوةً بخطوة سترى حجم التغيير الذي سيطرأ عليك.
تصرف بدلًا من ردود الأفعال الغير مُجديه، توقف عن انتظار أن يمنحك العالم ما تريده بطريقة سحرية، أو أن يتصرف الجميع وفقًا للأشياء التي تريدها أنت. 
اتصل بأصدقائك بدلاً من انتظارهم. خطط للأحداث بدلاً عن انتظار دعوتهم لك، و اخلق مزاجًا رائعًا بدلاً من أن تأمل في أن يأتي شخص ما مرح ليغير تصرفاتك.
 اذهب في إجازاتٍ طويلة ولبي دعوة أصدقائك بدلاً من إعطائهم تلميحات ساذجة بالانشغال. 
تصرف بدلاً من رد الفعل الغير مجدي .
اذهب على أي حال، و افعل ما ستفعله مع الأصدقاء والعامة، استمتع بوقتك وأخبر الجميع بذلك وسيستمتعون معك وإذا كان بإمكانك الإستمتاع بمفردك فتعلم أن تكون فردًا متحمسًا وسعيدًا وإيجابيًا ، و سيرغب أصدقاؤك في الحصول على ذلك أيضًا وسوف يرغبون في أن تكون معهم.
انشغل بالحياة يا صديقي، عليك أن تنشغل بالحياة حقاً.
 فأنت عالق في رأسك الآن لدرجة أنك لا تعلم كيف تتصرف مع أي شيء من حولك وتعيش حياتك من خلال أملٍ زائفٍ لا تسعى لتحقيقه. 

- نظرت إليه نظرة رضا، ثم باغتهُ بحديثي قائلاً:
كم مضى على بقائنا من وقتٍ منذ جلوسنا هنا؟
= نظر إلي ساعته الكلاسيكية، وقال: أظنها ساعة ونصف الساعة لا أعلم بالضبط.
- إن كنت لا تعلم كم من الوقت مكثنا، فكيف تريدني أن أتخطى كل ما حدث في حياتي، وأن أبدأ من جديد في لحظة؟
 هل تعتقد حقاً أنَّ الأمور تسير بهذه الكيفية! 
 لأول مرة أشعر بأنك لا تشعر بي، هل تعلم كيف؟
= كيف ذلك؟
- عندما سألتي عن أكثر الأشياء التي تسبب لي الأرق في حياتي، ماذا قلت لك حينها؟
= قلت أنك لا تشعر، فقدت رغبتك بالشعور بالأشياء والناس، وأصبحت خاوٍ لدرجة أنك لا تستطيع أن تحدد ما يسبب لك الأرق بعينه.
- إن كنت قد قلت لك ذلك، فأخبرني كيف لشخصٍ خاوٍ لا يشعر حتى بقلبه أن يستبدل حياتهُ الحالية التي يعيشها بشكلٍ رتيبٍ سيء، بحياة أخرى يملؤها الأصدقاء وغيرهم؟ أنا حتى لا أستطيع أن أملأ ذلك الفراغ بداخلي، فكيف تراني قد أستطيع أن أفعل ذلك!.
= قال: لأنني أثق أنك تستطيع فعل ذلك. 
- مجددًا شعرت بأنك لم تعد تشعر بي.. 
= ماذا الآن؟
- رسائل منتصف الليل التي أبعث لك بها كل يوم لتستيقظ وتجدها صباحاً مُعلقةً على صندوق الوارد اللعين، ألم تتسائل لماذا أستيقظ كل يومٍ في ذلك الوقت تحديدًا، وأبعث لك بالرسائل السوداوية؟
= قال: لقد قلت أنك تستيقظ في ذلك الوقت لفترة قصيرة، ثم تعاود النوم من جديد!
 و أما بالنسبة للرسائل السوداوية، فقد قلت أيضًا بأنها مجرد هلاويس منتصف الليل، وبأنني كدفترٍ لك تحتفظ فيه بجميع مقتنياتك الكتابية.
- اوه، نهضت من جانبه وبدأت أسير في خطٍ مستقيم، ولا أعلم إلى أين. هل ترأني مصاب بانفصام الشخصية، أو أنها حالةٌ اكتئابٍ حادة، ما تلك الرغبة التي تتملكني بين الحين والآخر، أتمنى ألا أسقط يوماً، وأن أعمل بنصيحة صديقي وأصنع حياةً أخرى مختلفه عن...
وقبل أن أُكمل حديثي مع نفسي، وجدتني سقطت بحفرةٍ للصرفِ النحوي، ولم أستطع الإعراب من حينها، بل عانيت من تحرش اللغة وشرود الأحرف الهجائية التي باتت تهرب مني، وتهرول صعودًا ونزولًا - من طابق الهمزاتِ بالأعلى إلي نِقاط الحروف بالطابق السفلي. وبينهما ضِعتُ أنا وضاعة لغتي. 
لم أعد عربيًا ولا أعجمي، أعيش حياتي العادية، لا أفهم الناس ولا يفهمني أحد.
هل تراه صديقي كان يقصد ذلك بحياتي الأخرى؟!
 أن أضيع بين البلاغة والنحو ولغة الضاد؟
ما الفرق؟ 
إنه ضياعٌ آثِمٌ على كل حال.
يوسف أزهري  

ليست هناك تعليقات