ضع اعلان هنا

اخر الأخبار

لماذا نكتب؟ سؤال يجيب عنه نجيب محفوظ وآخرون

 

إن الكتابة فن جميل يتصل به الكاتب بهموم الناس ويتلقى منهم وعنهم.

فن جميل

نجيب محفوظ


الكتابة مثل أي نشاط يقوم به الإنسان، وربما كانت أسباب هذا النشاط غامضة، مثل اللعب أو الرحلات أو الفن أو الكتابة الإبداعية، من الممكن أن يكون أساسها القراءة والجو الثقافي الذي يجعل الإنسان يعشق الكتابة فيكتب. إن الكتابة فن جميل يتصل به الكاتب بهموم الناس ويتلقى منهم وعنهم. أنا لا أستطيع أن أعيش بدون كتابة لأنني في الكتابة اشبع رغبة بداخلي في أن أكتب. أولًا كتبت للاستمتاع الشخصي وبعد أن أخذت موضوع الكتابة مأخذ الجد، بدأت أحلم بآمال من الممكن أن يوصلني هذا النشاط إليها كالمجد والشهرة وغير ذلك. والحمد لله قد نلت اكثر مما تمنته.

 

ممارسة يومية

الطاهر بن جلون

(روائي من المغرب)



أكتب لأنني أحب ممارسة الكتابة، وأحب أن أكتب بصراحة وبكل إحساساتي، الكتابة بالنسبة لي ممارسة يومية ولا أعتبرها عملًا شاقًّا، بل أعتبرها واجبًا قوميًّا أقوم به بنشاط، وأنا لست من الكُتاب الذين يجدون عناءً كبيرًا في الكتابة. لماذا تكتب؟ سؤال كبير.. المهم أن يكون ما نكتبه معبرًا عن الشيء الذي نعرفه أكثر، فمثلًا عندما تكتب عن قريتك، عن الحي الذي تسكن فيه، عن جيرانك، عن نفسك -كما فعل نجيب محفوظ- تكون إمكانية الوصول إلى القارئ في أي مكان. إنني مؤمن أن المحلية والأصالة هي الطريق للعالمية. الشهرة لا تهمني، المهم أن تُقرأ كُتبي وتناقَش من قراء عاديين، ربما طلاب أو مثقفين، في أي مكان. فالشهرة شيء سطحي جدًّا، وربما يكون هناك عمل جاد نمارسه لعدة سنوات ولا تُكتب له الشهرة. إنني أكتب منذ ثلاثين عاما، وأكتب يوميًّا، ولن أبحث عن الشهرة، ولن أعمل أي شيء من أجلها. إن ما يجعل أدبك يصل إلى الناس هو العمل الجدي والمستقيم وعدم الانتهازية، سواء أكانت سياسية أم سيكولوجية.

 

أكتب كي أقاوم الموت

عبد الوهاب البياتي

(شاعر من العراق مقيم في سوريا)




أكتب كي لا أموت. أكتب كي أستطيع مقاومة الموت. وهذا يعني الكثير، فما قلته هو جوهر الموضوع وخلاصته.

 

الكتابة في درجة الموت

حميدة نعنع

(روائية وكاتبة من سوريا مقيمة في پاريس)



لكي أفسر لماذا أكتب فلا أجد أفضل مما قاله -تعبيرًا عن موقفي- جوزيف كونراد: ثمة ظلام أشد سوادًا من ظلام الليل هو بلا شك ظلام الصمت. ولأننا منذ ولادتنا محكوم علينا بالصمت بواسطة السلطة، كل أشكال السلطة: الأب ثم القابلة، ثم المجتمع، ثم النظام السياسي، فقد كان علي أن اكتب لكي أمزق هذا الصمت وأفضح الخطأ الذي من حولي بهدف خلق عالم أجمل وأكثر احتمالًا، فلولا الكلمة لكان العالم بائسًا وصعب الاحتمال. أكتب لكي أعيش، أتحمل العيش، فالحياة قاسية والأشخاص من حولنا يفتقدون الحنان. الكلمة وحدها هي التي تمنح ذلك الحنان المطلق. أكتب لكي أحارب فكرة الموت الذي نُولد ونحن نعرف أنه ينتظرنا في نهاية الطريق أو في أي لحظة من حياتنا. إننا كالسجناء المحكومين بالإعدام، الذين ينتظرون لحظة تنفيذ الحكم، والذي يفسح أمامنا باحة السجن ويؤخر لحظة الإعدام هو الكتابة، الغوص في أعماق الإنسان. والكائنات والعالم من حولنا. إن الكاتب يتغذى من ميتافيزيقيا العالم من حوله ويظل مشدودًا بخيطٍ غير مرئي إليه- ينهك عمره وعبقريته في إعادة تكوينه ومن موقعه الذي يوجد فيه يسمح له برؤية بانورامية للأشياء والمسافات والعلاقات والمشاكل. قد يفعل كل ذلك في البداية لترضية غرور الأنا المستفحل، ومع مرور الزمن تتكون لديه عبر الكتابة عادة استشراف المستقبل، وتغذية الخيال، خياله أولا وخيال من حوله: يحرضهم، يمنحهم الأمل، يرحل بهم إلى عوالم قد لا يستطيعون أن يرحلوا إليها من دونه، وهذا ما يمنحه الإحساس بالرضى والسعادة. لقد كان الكُتاب دائما هم أولئك الذين بإمكانهم أن يستحوذوا على ما يسمى بحب الناس، وهم الذين يملكون سحرًا لا يقاوم وقدرة فائقة على النفاذ إلى الجوهر الإنساني، والذين يقودون قراءهم نحو رؤيا جديدة للعالم ولأنفسهم. غير أن تلك الخصال ليست وحدها صالحة للكاتب، ففي عملية الكتابة تصبح لذة إبداع نص ما مسألة موت أو حياة، سعادة أو تراجيديا، لا لمن يمارس الكتابة فقط وإنما للبشرية كلها. إن الكتابة بالنسبة لي هي حياتي المفتوحة على البناء والدمار، على المجد والانحطاط، على السعادة والحزن، لذلك أبحث عبر الحروف عن معنى وجودي عن سعادتي أو حزني، وفي كل يوم أجد نفسي أمام تحد جديد في الكتابة قد لا أجده في الحياة، تحد لتغيير مفاهيمي ولغتي وإفساح المكان والزمان لسواي القادمين من المستقبل’ أولئك الراكضين من الماضي’ لكي نشترك جميعًا في صنع العالم من حولنا وإعادة ترتيبه بشكل اكثر إنسانية. إن الكتابة حوار مع العالم لا ينتهي، تمنحني الحرية في عالم غريب غير مطمئن، تختارني أكثر مما أختارها.

 

اعتراف مؤجل بالموت

محمد علي اليوسفي

(روائي وشاعر من تونس)



يصعب تحديد دوافع الكتابة بعد التورط فيها، في البدء يكون كل شيء انفتاحًا، تكون الكتابة بحثًا عن الحلم والأمل المطلق أيضًا. ثم يتعرى كل شيء مع تقدم التجربة والعمر، وتبقى الكتابة لأنها التصقت بنا كوظيفة (كدور الممارسة) مهما كانت الخسارة. ثم تلوح لنا عزاءً، ثم رثاءً، لما بعد موتنا عن الكون، وبقائه رغمًا عنا. فهل أخطأنا بالمجيء إليه، حتى نكرر الخطأ ونحن نقترب من مغادرته؟ الكتابة إخراج لتلك المشاعر والأفكار إلى حيز بعيد عن التوتر وقريب من لعبة التشكل والوجود، أي إفراغ الامتلاء، وصولًا إلى خواء جديد يعاد البحث عن ردمه.. قد تتغير الإجابة بتغير الأمكنة. هل الكتابة مهنة كغيرها من المهن؟ لكن أين؟ عندنا أم عندهم؟ الكتابة عندنا اعتراف مؤجل بالموتى، إنتاج لا يؤدي إلا إلى الريبة في الطمأنينة المؤقتة. حب؟ بل كان حبًّا. تبدأ الكتابة حبًّا وتنتهي زواجًا، مسؤولية، وأطفالًا وضرائب، وجيرانًا. فهل تدمر؟ تدمر البعض كما يفعل السيل أحيانًا، وينجو كثيرون منه حاملين معهم ما خف وزنه وبخس ثمنه. أنانية؟ كلا. ضياع في الآخرين. تلبيس حيوات الآخرين لك بينما هم يعبرون، يربحون ويخسرون، وأنت تحصي ممتلكاتهم وخسائرهم. رغبة في الخلق؟ نعم. والانتقام أيضًا. والقتل أيضًا. والديمومة، ومآرب أخرى. لا بد من سبب لمن يمارس هذه اللعبة؟ وكل ما سبق ألم يكن أسبابًا؟ أنت لماذا تكتب؟ هل هي إصبع اتهام هذه (الأنت)؟ هأنذا أخاف وأسكت.

 

أكتب كي أتنفس

سميحة خريس

(روائية وقاصة من الأردن)



أكتب كي تصرخ تلك الكلمات المختنقة في صدري، أكتب كيما أطرد أشباح الحروف والرؤى والمعاني، المتشكلة بشرًا وشجرًا وعالمًا يتشظى في دمي يطلب انطلاقًا. أكتب كي أتمكن من التنفس وكي تظل صور الأحلام مشرقة وطازجة في ذهني، أكتب كي أعالج نفسي من التقرحات والأوجاع. أكتب باندفاع نرجسي كي أمسك بتلابيب الشجاعة، الشجاعة على احتمال الواقع ربما بخلق حياة أخرى موازية له.. أكتب كي أمسك بأطراف ثوب السعادة، إذ خارج الحروف التي أقرأها وأكتبها يصعب الحصول على السعادة. ربما نلمحها في الأشياء وفي الناس، في لمسات الحنان تحت أضواء الشهرة، أو في مقتنيات الأشياء، ربما نحققها نت دون أن ننالها كاملة، ولكن في لحظة الكتابة لا يمكن للسعادة أن تفر من تحت سن القلم. يمكنني عبر دروب الكتابة أن أطير، يمكنني أن أحتمي بالعالم الذي صنعته من قسوة العالم الذي أعيشه، ويمكنني أن أدعي البطولة وأني أكتب للناس وأعالج همومهم. قد يجدون صدى آهاتهم في كلماتي، ولكني في لحظة اعتراف أقول إني كتبت لأعالج همي، ثم اكتشفت أن همي فاصلة صغيرة في هموم الناس، أعترف أتني كتبت انصياعًا لفرحي وبهجتي الخاصة، ثم اكتشفت أن أفراحي زغاريد صغيرة في سيمفونية الكون. عندما تخاصمني الكتابة، وهذا يحدث أحيانًا، فإنها تتركني للفراغ، قد أعاود التصاقي بالمحيط، أروح أرقب تحركات الناس وأتابع تفاصيل الحياة اليومية، لكنني أشعر كأني أهوى من عل، وفجأة عندما تندفع نحوي جنيات الكتابة بحلوهن ومرهن أعود للتحليق ثانية. لم أسأل نفسي لماذا أكتب، ولكني أعرف تمامًا أنني أكتب لكل ما سلف، وأضحك في سري عندما يدعي الكُتاب أنهم يكتبون كمهمة وطنية.. ولعلها حقًّا مهمة وطنية أن أحرر ذاتي، فالكتابة تحرير عميق للذات.

 

الكتابة قناع الصمت

زهير أبو شايب

(شاعر وفنان تشكيلي فلسطيني مقيم في الأردن)



الكتابة استسلام، إنها شيء يشبه الحكاك، نؤديه لأنه يسبب لذة غامضة ولا نتساءل عن جدواه.

لكن، أليست اللذة سببًا كافيًا للكتابة؟ إنني أستسلم لأعماقي حين أكتب.. أستسلم لنمنمة غامضة وحكاك في الروح، وبذلك يتسنى لي أن أواجه (الفصام) الذي يغريني عن ذاتي. في الكتابة ليس ثمة (أنا). ثمة (ذات) فقط، تتمدد حرة، وتتعرى داخل ذاتها بشفافية كاملة. كثيرًا ما تساءلت عن جدوى الكتابة. إنها أشبه ما تكون بالحمل الكاذب. إن مأزق الكاتب هو أنه يشعر بأنه لا يفعل شيئًا، كأن الجدوى مقصورة على ما يتجاوز الذات.. على ما هو ملموس خارجنا فقط. لكنني أجد ذاتي في تلك اللذة. صحيح إنني لا (أفعل) شيئًا. لكنني أفعل رغبتي في الشيء. إنني موجود قبل الشيء وفيه وفي ما ورائه. إن الله لم يفعل شيئًا، لكنه قال للشيء كن، فكان. إن الله (المتعالي) يريد فتصبح إرادته شيئًا. لكن إرادته لا تتحول شيئًا إلا بعد أن يقول (كن). لذا أصبح الكلام مقدسًا لأنه متصل بإرادة الله. وأنا أحد عيال الله. أريد وأتكلم وأشتغل في الإرادة والكلام لكي أتقدس وأتعالى وأغدو كائنا فردوسيا. أكتب أيضا لكي أتجاوز ذاتي نحو الآخرين. الكتابة تطبيق لوحدة الوجود، شكل من العرافة والكشف اللذاذي، أدخل من خلاله في ذوات الناس والكائنات، وأغدو لا زمنيا، وأواجه الموت وفكرته. إنني، من خلال الكتابة، أطل على ما وراء موتي الشخصي، وأدرك المتعة التي يشعر بها امرؤ القيس مثلًا بعد 17 قرنًا من موته الشخصي وهو يتنصت علينا من خارج الزمن ويسمع حديثنا عنه. أكتب أيضا لألامس الموجودات. تجربتي ككائن حي لا تخدمني كثيرًا. إنني لا أستطيع أن أصف تجربة الشجرة أو الحجر إلا من خلال الكتابة، التي تتيح لي أن أتقمص الكون ومن كونه. لذا أذهب إلى الكلام الذي ولدت منه الأشياء، والكلام الذي ستعود إليه. هناك بعيدًا، ثمة رغبة تتحرك عبر الكلام وتنتج الأشياء. الرغبة تحركني باتجاه تلك اللذة التي تنجم عن الخلق. إن الكلام مقدس لأنه طاقة خلق. إنه صمت ممتلئ بالمعنى، والوصول إلى هذا الصمت القدسي سبب كاف للكتابة. أكتب ضد السكوت ومع الصمت.. ضد الثرثرة ومع الكلام وأكتب لأنني عييٌّ.. عاجز عن الحديث، لذا أتأتئ وأومئ وأصدر أصواتًا وإيقاعاتٍ لكي لأقطف ثمرة المعنى، وطفولتي تهديني --كما يهتدي الطفل-- إلى الكلام الذي هو قناع الصمت. إنني أكتب. أعلم أنني لا أصنع قشة كبريت، وأستمتع بقدرتي على عدم فعل شيء، مثلما أشعر بالإحباط لذلك. إن الكتابة كسلي المقدس، حيث أرغب/أريد، وأتكلم، فتوجد الأشياء بقوة رغبتي وكلامي.

 

تأمل الأشياء

علي الدميني

(شاعر من السعودية)



نطقت كتاباتي الإبداعية المبكرة بلغة انفعال وجداني عاشق لم يكن أمامه للتخارج من أحمال العاطفة وآلام الفقد إلا الكلام. كان الكلام -وما زال- معبرًا للتطهير وملاذًا من حرائق اشتعالات الوجد وفراغ الملامسة، وبالنسبة لي كان أكثر من ذلك حين غدى رسالة حب موصولة تتجسد على صور الصفحاتـ ولا تصل إلى الحبيبة لأنها لم تكن "تفك" الحرف، فكانت التجربة ألمًا مضاعفًا، لكنها كانت إحدى وسائل التنفيس والخلاص. وفي المراحل الراشدة أزيح ديوان العشق للأنثى إلى الهامش أو العتمة واندمجت الذات المتشكلة بجديد وعيها وبمجاز أو توهمات مهمات رسالتها في التعبير عن الهم الوطني والعروبي والإنسانيـ حتى اكتمل بناء نصها كنشيد ذي طبيعة ملحمية متعال عن الانفعال الآني عن المهمش والجانبي. والآن وفي المراحل الأكثر تساؤلًا من مرحلة الرشد الطويلة، وفي خضم ما جرى من انكسارات وما علق بنا من نياشين الجراح والهزائم، فإن سؤال الكتابة الإبداعية يأخذني صوب آفاق أخرى مغايرة لحصيلة التجربة ذاتها ومشاكسًا لبعض يقينها أو أقانيم مقدساتها. هكذا أراني ألتفت إلى هشيم وبقايا جمر التجارب القديمة، وإلى صبوات أشباهها المتأخرة، وكذلك أرى حدقتَي عينيَّ تتسعان لاستعادة أطراف مما أغفلتاه أو حاولتا تهميشه، لا لكي أعيد له مجده ولكن لكي أتأمله من جديد. إنني أكتب لكي أحافظ على بقايا شجاعة أخشى عليها من الموات، لأن في الكتابة مساحة من الحرية لا يتيحها اليومي والمعاش، وأحاول أيضًا أن أكتب بقليلٍ من الانفعال، لكي أتأمل الأشياء كما هي، لعلي أروي يقيني المتعطش بكتابة رؤية شكاكة أو حكمة ضالة.

 

مثل الحب الذي يبدأ مزاحًا

المنصف المزغني

(شاعر من تونس)



الكتابة كالجنس يقاوم الموت، فهي تعبير يستلطفه الإنسان الكاتب كسلاح للتعبير عن الذات في مواجهة الخوف من الموت. إني أشعر أن للكلمات مادة تشبه الكرة الأرضية ببحرها وأرضها وجوها وجاذبيتها. كما أن وقوفي على هذه الأرض، أو سباحتي في بحرها، أو تطلعي في أفقها، لا يمكن له أن يتم إلا بعد الاستعانة بالكلمات. أحيانا أشعر أن ما أشعر به يفوق الكلمات. وباعتباري لا أملك سلاحًا غير الكلمات، فإني أسعى جهد المستطاع إلى إيجاد توازني من خلال الصراع مع الكلمات مستنجدًا بالقاموس. وقد لا يفي القاموس بالحاجة، فأضطر إلى نحت كلمات جديدة كلما ضاق القاموس. ومثل الحب الذي يبدأ مزاحًا، بدأت كتابة الشعر وأنا ألعب، حين توغلت في اللعبة، صارت اللعبة أصعب، وصار المزاح جدًّا. وكان علي أن أتوغل في هذه الجدية حتى أصل إلى ماذا؟ إلى المزاح والسخرية من جديد. باعتباري من أهل الكتابة، في زمن تعيش فيه القراءة، شيئًا من الكآبة، واعتبارًا لإصرار أصيل في ممارسة الكتابة، فإني أرى أن من بين الأدوار التي علي أن أقوم بها، دور الاحتيال. فأنا أسعى إلى أن أسرق الآخرين من أنفسهم لأبثهم ما في نفسي ولأتقاطع معهم بمختلف المغريات اللغوية والمعنوية، حتى أشدهم إلى ما أنا فيه من هذا الأمر الذي لا مناص منه: "التعبير". ولقد آمنت بأنه علي أن أحسم مسألتي المكان والزمان. فأنا أكتب منطلقًا من ذاتي وشؤوني وهواجسي المحيطة. ومن تونس، وإذا استطاعت كتابتي، وعليها أن تستطيع تجاوز هذا المكان في اتجاه العالم. كما أن علي أن أعبر عن زماني بتفاصيله وبالوعي الذي استطعت أن أصل إليه، حتى تستطيع كتابتي أن تتجاوز الحيز الزماني الضيق الذي قيض لي أن أعيش فيه إلى أزمنة أخرى.

ليست هناك تعليقات