ضع اعلان هنا

اخر الأخبار

كيف استعيد الرغبة في الحياة بعد ان فقدتها؟

يشكو الكثيرون من فقد الشعور بالاستمتاع عند ممارسة الهوايات التي يحبونها هل للأمر سبب نفسي أم أن هناك سببًا آخر

“لم أعد أستمتع بشيء!”


 

جملة تسمعها بكثرة هذه الأيام من الشباب أكثر من كبار السن، وهو السن الذي يفترض أن فيه قدرة أكبر على الاستمتاع، ثم يبدأ الحديث عن الحزن والاكتئاب والحياة التي لم يعد لها مذاق.

ترى ما السبب في ذلك؟

الحقيقة أنه ليس بالضرورة أن تكون هناك أسباب نفسية كالاكتئاب الذي يُفقد الانسان الشعور بالاستمتاع ولكن هناك أمر آخر أصبح جليًّا هذه الأيام ويتفق عليه الكثيرون.

“الوفرة”

ألا تعرف المثل الذي يقول: إن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده؟ أنت الآن العالم كله بين يديك كل وسائل الترفيه يمكن الوصول لها في ثوانٍ، ولكن ما الذي يعطل استمتاعك بها؟ الأمر يشبه جهاز التشويش الذي كان يوجه على موجات الراديو فيُصعّب علينا استقبال الإذاعة التي نحبها.

ربما لذلك نحن غارقون في الحنين، يتحدث مواليد السبعينات والثمانينات عن ذكرياتهم البسيطة وكيف كانت ممتعة إلى حد لا يوصف وفي نفس الوقت يشكون من عدم قدرتهم على استعادة هذه المتعة، فيحكي أحدهم أنه لم يكن ليستطيع رؤية أهداف مارادونا أو هوجو سانشيز في الثمانينات إلا من خلال الفقرة الرياضية في نشرة أخبار القناة الأرضية “أحداث 24 ساعة”، لقطات سريعة للأهداف من أهم المباريات في العالم تحدث نشوة لا توصف، أما الآن وقد أصبحنا نمتلك مئات القنوات تحت أيدينا بل وبضغطة واحدة على زر البحث على المواقع الالكترونية لتتمكن من مشاهدة أهداف اللاعبين من الشرق إلى الغرب، ومع ذلك فقدنا تلك النشوة التي كنا نشعر بها في هذا الوقت.

لقد خمدت المتعة بسبب الوفرة الزائدة إلى حد التشتيت، أنت الآن عندما تريد مشاهدة فيلم تجد أمامك قائمة طويلة تستنزف وقتك في حيرة الاختيار حتى يمضي الوقت ولا تستمتع بالقدر الكافي ناهيك عن الآراء الكثيرة عن العمل قبل مشاهدته فأحيانا هذه الآراء تكوّن لديك توقعات كبرى أو بسبب الترشيح السابق من أكثر من صديق، ثم تصاب بخيبة أمل، الفيلم ليس سيئًا ولكنك نفسيًّا وضعت توقعات حالمة وغير واقعية بسبب الآراء حولك، لو أنك شاهدت هذا الفيلم على غفلة في وقت آخر كنت ستستمتع به حتمًا.

أتذكر أن هناك كاتبًا شهيرًا كان يترك في مكتبته أربع كتب فقط غير مقروءة حتى يجبر نفسه على قراءتهم بلا حيرة وتضييع الوقت في الاختيار.

صحيح أنه من الجيد أن تجد من يشاركك هوايتك ويقترح عليك كتبًا لا تعرفها تستمتع بها، ولكن المبالغة دائمًا تأتي بنتيجة عكسية، فيكفي أنك عندنا تفتح أبلكيشن واحد يفاجئك سيل من الكتب الجاذبة المثيرة لشغفك وتقع في حيرة بأي منهم تبدأ، فتكون النتيجة ألا تقرأ أيًّا منهم، كذلك كثرة الآراء ومحاولات التحليل والتفسير للأعمال الأدبية والأفلام تتسبب في فقدان جزء كبير من المتعة.

الحل في العودة لحياتك الطبيعية والبعد عن مصدر التشويش، البعد عن المجموعات المتخصصة وتضييق  دائرة الآراء والترشيحات قدر الإمكان، أن تغلق عينيك وأذنيك قليلًا وتستمع إلى نفسك، تشاهد وتقرأ فقط الأشياء التي تثير اهتمامك وتتبع ميولك وليس لأن أحدهم -الذي لا تعرف شيئا عن أفكاره واهتماماته- رشحها لك.

لكل منّا عالمه الخاص الذي يستمتع به، كاتب معين تشعر أنه يعبر عنك وأن استمتاعك به لا يوصف، لا يمكن أن تستمر متعتك وأنت تشاهد أشخاصًا يسبونه ليل نهار، قد يتسبب هذا في فقدان متعتك وثقتك في نفسك وفي ذائقتك بينما يتضح لك في نهاية المطاف أن كل هذا السب ليس سوى موجة بدأها شخص واحد كاره له وعام الآخرون على هذه الموجة دون أن يقرؤوا له وإنما لإثبات وجودهم لا أكثر.

نصائح لاستعادة استمتاعك بالحياة



  • اكتشف نفسك وَعُدْ لها، عُدْ للأشياء التي تستهويك أنت وليس ما قال عنه الآخرون أنه جيد.
  • لا تدع أحدًا يؤثر على ذائقتك وهواياتك وطريقتك في تفريغ طاقتك والتعبير عن نفسك، فلكل منا شخصيته المختلفة لسنا نسخًا من بعض.
  • ابتعد عن الوفرة: بالتحكم في نفسك وفي استخدامك للإنترنت ومواقع التواصل.
  • عامل نفسك كطفل ببعض الضبط والمنع، ضع روتينًا منظمًا لا لعملك فقط وإنما لهواياتك واهتماماتك أيضا حتى لا تغرق في العشوائية التي تفقدك الحماس والمتعة.
  • عندما تمارس هوايتك أغلق مصدر التشويش (الإنترنت) وعُدْ إلى الطبيعة عش اللحظة مع نفسك ومع من حولك لتستشعر المتعة.
  • لست مطالَبًا بكتابة  تقرير عن كل ما قرأت وما شاهدت يكفي أنك أحببته واستمتعت للحظات، كذلك لا تقرأ المزيد من الآراء المتحذلقة.
رشا نعمان

ليست هناك تعليقات